شهادة محمد المصمودي : خفايا اتفاقية جربة
مجلة الحقائق عدد 922 – 2003
…نفى المصمودي ان يكون هو مهندس انفاقية جربة كما اشيع بعد فشلها مشددا على ان وسيلة بورقيبة والهادي نويرة هما من ابطلا تلك المعاهدة لعدم ايمانهما بالوحدة مع ليبيا.
…في الذكرى الرابعة لثورة الفاتح من سبتمبر سنة 1973 زرت ليبيا صحبة بورقيبة، وحضرنا استعراضا عسكريا اقيم بالمناسبة… وقد لاحظت تأثر بورقيبة بما شاهده في هذا الاستعراض… ولم يحضر العقيد معمر القذافي الاستعراض لانه عاد من مصر متأثرا وغاضبا من مواقف السادات.
…دعك منهم… وانظر الان الى منطقنتنا… فالعالم العربي لن يموت اذا غابت عنه مصر… واعلم ان منطقتنا الغربية متماسكة.. واننا اذا استطعنا ان نبني في مكان ما من العالم العبي وننجح في عملنا فان ذلك سيعود بالفائدة على جميع العرب. واستطرد بورقيبة.. نحن في هذه المنطقة لم نضرب بعصا الذل.. ولا نزال نتطلع الى مشاريع قوية.. فتعال الى تونس وزر القيروان التي كانت عاصمة اسلامية عظيمة واني اعتقد ان بامكاننا انجاز عمل ضخم.. لان ساعة العرب سوف تأتي لكن علينا ان نبدأ ببناء « الساس » الذي سنض عليه اقدامنا، فليس المهم ان نخطب في الفضاء، او نسمتمع الى اذاعة صوت العرب. لان ذلك كله كلام ولا يمكن ان يقودنا الى النجاح.
تأثر القذافي بكلام بورقيبة، فابتسم وبدت عليه علامات الانشراح بعد ان كان مهموما ومنهارا.
…والحقيقة ان القذافي طلب زيارة بورقيبة والتقيا في جربة… واجتمعا في البداية على انفراد وكنا جميعا خارج القاعة… وكنت صحبة الحبيب الشطي مدير الديوان الرئاسي انذاك بصدد اعداد البيان الختامي لزيارة العقيد، لكن فجأة طلبوا منا دخول قاعة الاجتماع… فبدأ الزعيمان يتراشقان الورود. فكان بورقيبة يقول هذا الرجل العظيم لم اكن اعرفه من قبل، ويرد القذافي بقوله بورقيبة زعيم كبير.
…وجدنا في النص اتفاقا على « جرف قاري » ولا هم يحزنون انها وحدة ابتلعت كل شيء.
…كان تيار الوحدة يجرفه وعند وصوله الى مكتبه هاتف الرئيس الجزائري هواري بومدين.. وطلب منه التحاق الجزائر بالوحدة التونسية الليبية فاجابه بومدين : انا لا اؤمن بوحدة تنجز في ربع ساعة.. انها وحدة مغشوشة.. كما انني لا امتطي القطار وهو يسير (قالها بالفرنسية).
…فقرر ارسال الطاهر بلخوجة وزير الداخلية انذاك، والحبيب الشطي مدير ديوانه.. ولم يكن الاختيار صائب لان الاثنين لم يكون موافقين لانهما بقيا خارج تشكلية حكومة الوحدة (يؤكد السيد الطاهر بلخوجة في شهادة سابقة انه كان وزير الدفاع في حكومة الوحدة الوثائق تثبت ذلك).
…عادت زوجة الرئيس من الكويت، وهاتفت الهادي نويرة في ايران وقالت له : »ارجع، لعبولك بساقيك.. ومحمد المصمودي هو مولى البلاد » فعاد مسرعا.
…ومن الاجتاماعات التي اذكرها اجتماع بكي فيه الشاذلي العياري في شهادة سابقة على منبر مؤسسة التميمي انه بكي في اجتماع ضمن بورقيبة بعدد من الوزراء على اختفاء اسم تونس من التسمية الجديدة ولم يبك من اجل العلم كما ذكر المصمودي). وفي نفس الاجتماع تم التطرق الى العلم التونسي ونبه الحبيب الشطي الى ان النجمة والهلال في العلم التونسي لونهما احمر.
…وقال المصمودي انه كان دفع بورقيبة نحو الوحدة مع ليبيا فهو يتحمل مسؤولياته في ذلك ليمانه العميق بالعروبة والاسلام.
…ولا ندري ان كان المصمودي تهرب من الجواب ام ان عامل السن (ثمانون سنة) حال دونه وتذكر الكثير من الوقائع والاسماء كما برز من الشهادة رغم انه حمل مسؤولية الفشل لوسيلة بورقيبة، والهادي نويرة، والطاهر بلخوجة والحبيب الشطي.