مظاهرات الخبز 1983
الأستاذ منصور الشفــي
جريدة الشعب، 2011.06.25
في يوم 19 سبتمبر 1983 وهو اليوم الذي سبق سفر الحبيب بورقيبة الى ألمانيا للتداوي أعلن عن الترفيع في ثمن الخبز.
…كان يقول أنه يعرف جيدا الشعب التونسي فهو لن يحتج مطلقا وكأنه في نظره قد تعود على الخنوع. لكن الأحداث كذبته فقد ثار الشعب ثورة عارمة كادت أن تودي بالحكومة.
…قال له : (سيادة الرئيس من سوء الحظ ليس لكن وزراء مناضلون في استطاعتهم اقناع الشعب بقرارتكم أنا سأتكفل بهذه الأمور).
…انطلقت الشرارة الأولى من مدينة دوز بولاية قبلي حيث تجمع المتظاهرون اثر علمهم بزيادة سعر السميد والعجين وكان المتظاهرون ينددون بقرار الترفيع وينادون بالرجوع فيه.
وتجمعةا حول المعتمدية حيث قدمت عريضة الى المعتمد تتضمن مطالب المتظاهرين وقد جرت مشادات بينهم وبين قوات الأمن كان نتيجتها أن ألحق المتظاهرون بعض الأضرار بالمعتمدية من ناحية ومن ناحية أخرى أن أطلقت قوات الأمن عى المتظاهرين القنابل المسيلة للدموع ثم الرصاص فوق رؤوس المتظاهرين ثم اطلق الرصاص عليهم فأصيب عدد من المتظاهرين بجروح وفي المساء وقعت حملة اعتقالات واسعة شملت الأوساط النقابية.
…الجمعة 30 ديسمبر 1983 اعتصم أغلب السكان بمنازلهم وأغلق التجار متاجرهم وتجمع بعض الشبان بالشوارع، حيث وقعت بعض المشادات مع قوات الأمن التي وقع جلبها من ولايات أخرى وحاول شبان إغلاق الطريق الرابطة بين دوز وقبلي مرورا بجمنة حيث أحرقوا بعض جذوع النخيل وغيرها وتضامن في نفس اليوم أهالي قبلي مع دوز حيث وقعت مظاهرة سلمية طاف فيها الأهالي طاف فيها الأهالي بشوارع المدينة وأطلقت قوات الأمن على المتظاهرين القنابل المسلية للدموع.
…الأحد 1 جانفي 1984 وقعت مظاهرة سلمية بمدينة قفصة حصل منظموها على ترخيص شفاهي مسبق من والي الجهة وقد جاب المتظاهرون أغلب شوارع المدينة منشدين (حماة الحمى) و(إذا الشعب يوما أراد الحياة) مطالبين بالرجوع في قرار الترفيع ولم يسجل أثناء هذه المظاهرات أي عنف أو أي شعار مناوئ للنظام لكن تلت هذه المظاهرة جملة من الاعتقالات وإغلاق المعاهد والادارات ولم يكن الأمر مقصورا على الجنوب.
…يوم 8 جانفي حيث وقع التعرض للأحداث بصفة رسمية ولأول مرة في بلاغ صادر عن وزارة الداخلية وصف الانتفاضة الشعبية بأنها (حوادث شغب) ووصف المواطنين المتظاهرين بكونهم (مفسدين) و(متطفلين) و(مناوئين) ولم يتعرض ولو بالتلميح الى الطبيعة السياسية للازمة ولا لأسباس الحوادث وهي غلاء الحبوب ومشتقاتها.
…يوم 2 جانفي 1984 قامت اضطرابات في عدة مناطق وأصبحت مظاهرات الجماهير تتسم بالعنف في أحيان عديدة وكانت قوات الأمن أكثر عنفا.
وكانت المظاهرات التي اندلعت يوم 2 جانفي عنيفة وأدت الى الحرق والنهب خاصة في مدينة قفصة.
يوم 3 جانفي 1984 اتسعت رقعة الاحداث لتشمل غالب مناطق الجمهورية بما في ذلك المدن الكبرى كقابس وصفاقس وتونس العاصمة منذ الصباح الباكر هجم المتظاهرون على الحافلات العمومية وعلى بناءات المعتمديات ومراكز الشرطة والبنوك والمغازات الكبرى وفي بعض الاحيان وصل التيار الجارف بعد الظهر بتونس العاصمة الى حرق السيارات الصغيرة بالجملة ودخول المنازل عنوة للتكسير والحرق والنهب وقد وقع في حالات شاذة الاعتداء على مواطنين مسالمين مثلما قتل النوري البوراوي رجما بالحجارة بينما كان في سيارته في طريق القرجاني في اتجاه باب سعدون بالعاصمة.
…ففي بعض الاحيان تغيب رجال الامن عن مناطق الخطر وتركوا المواطنين دون حماية لانفسهم ولأرزاقهم مما افسح المجال لمرتكبي الحرق والنهب ليعلمةا دون خوف من أي رادع والتفسيرات الممكنة لغياب الشرطة عديدة منها ان عدة مئات من رجال الأمن وقع جلبهم يوم 3 جانفي الى قصر هلال المنستير حيث تحول رئيس الجمهورية لافتتاح الاحتفالات بالذكرى الخمسين لتأسيس الديوان السياسي للحزب الحر الدستوري.
…فضرب وجرح وقتل وفي بعض الاحيان استعملت القنابل المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين وفي احيان اخرى استعمل اطلاق الرصاص مباشرة دون انذار خاصة اذا استعمل المتظاهرون الحجارة على اعوان الامن وكان من المفروض اطلاق الرصاص في الهواء.
يوم 3 جانفي 1984 قامت اظطرابات في القيروان قابس وصفاقس وسيدي بوزيد زالمتلوي وبنقردان وجندوبة وصفاقس وتونس سقطت اثناءها مئات الضحايا قتلى وجرحى وبينما كان هذا العدد المهول من الضحايا يسقط وبينما كانت بناءات عديدة في العاصمة وفي مدن داخل الجمهورية انحصرت الاخبار الوطنية في نشرة الانباء باذاعة تونس يوم الثلاثاء 3 جانفي على الساعة الواحدة بعد الزوال اي نشرة منتصف النهار على خبرين اولهما الاحتفالات الخمسينية للحزب في مدينة قصر هلال وثانيهما اتفاق حصل بين وزارة الاقتصاد ونقابة الاعراف على ان لا يقع الترفيع في سعر المرطبات والبيتزا فكان لوسائل الاعلام دور سيء في استقزاز الرأي العام.
يوم 6 جانفي 1984 في زخم الفرحة الشعبية بقرار الغاء الزيادة في اسعار الخبز والعجين تجمعت بعض العناصر الموجهة حسب اعتقاد مزالي امام وزارة الداخلية في حدود الثانية ظهرا منادية (الاستقالة يا مزالي) (اطلقوا المساجين) الشعب معاك يا سي ادريس.
وكانت المظاهرات اثناء انتفاضة الخبز قد رفعت شعار (الشائب في تركينة والفرطاس يحكم فينا).