1968 : تفكيك شبكة تونس لحركة البعث
محمد علي الحباشي، « جريدة الصباح »
« أوفدت القيادة القطرية لحزب البعث بدمشق عونين تسربا الى تونس في جويلية 1967 بطريقة سرية لبحث امكانية تكوين حركة بعثية بالجمهورية التونسية، وقد لاذ العونان بالطريقة السرية التقليدية فنزلا بتونس حاملين اسمين مستعارين وهما علي عقيل الذي اختفى تحت اسم محمد رابع وفهد سلطان وكلاهما عضو في لجنة الاتصال القومية لحزب البعث بدمشق، وقد ادعيا أنهما ديبلوماسيان وجاءا الى تونس عن طريق ليبيا وقضيا خمسة أيام بتونس ثم سافرا الى روما وأثناء إقامتهما بتونس ثم سافرا الى روما وأثناء إقامتهما بتونس عقدا طيلة يومين جلسات عمل مع الفئة المرتطبة بدمشق عن طريق الطاهر عبد الله واستحضرا في تلك المباحثات أحمد نجيب الشابي في محاولة لاستمالة الفئة المرتبطة بالقيادة القومية ولحسم الخلافات بين البعثيين التونسيين والتي لم تكن في الواقع إلا صورة للخلافات الداخلية بين الطوائف البعثية في سوريا نفسها.
ظهرت هذه الحركة بتونس في شكل نواة عام 1965 عندما نجحت في استمالة بعض اليوسفيين إلى :
وبالقيادة القومية وأساسا من أساتذة بالتعليم الثانوي متخرجين من جامعات القاهرة وبيروت ودمشق ومن طلبة متجمعين في اللجنة العاملة من أجل الافراج عن محمد بن جنات والذين شاركوا في الاضطرابات الجامعية التي كانت وراءها حركة « برسبكتيف » ابتداء من اكتوبر 1967، وكان الهدف الأول لهذه الحركة تنظيم مؤتمتر قطري سري لحركة البعث في عطلة آخر السنة الجامعية 1967.
ومما يذكر أن القيادة القومية ببيروت بعثت منذ شهر أوت 1967 الى جماعة البعث بتونس وثائق دعائية بواسطة طالب كويتي في باريس يدعى عبد العزيز دعيج الذي حضر خصيصا الى تونس وابتداء من أكتوبر 1967 شرع البعثيون في تونس في التحرك.
فقد انتقل محمد البشير عرفة الشابي الاستاذ آنذاك بالمعهد الثانوي بالقيروان عدة مرات الى قفصة والقصرين وصفاقس وسوسة حيث التقى زملاء له أساتذة بعثيين.
وكانت للبعثيين مشاركتهم في الاضطرابات الطالبية في مارس 68 والانضمام الى لجنة المطالبة باطلاق سراح محمد بن جنات التي بادرت بتكوينها جماعة « برسبكتيف »، وانضم الى تلك اللجنة من البعثيين أساتذة كانوا تابعوا دراستهم العليا بالشرق مثل محمد المختار العرباوي العائد من القاهرة ومحمد مسعود الشابي العائد من بيروت، وكذلك طلبة عمل الهاشمي الطرودي عضو لجنة المطالبة باطلاق سراح بن جنات، على استمالتهم، وأحمد نجيب الشابي عضو الهيئة الادارية للبعث والطالب في الحقوق وابن الاستاذ عبد العزيز الشابي وعمار الجلولي الطالب السابق بالقاهرة والطالب عبد الله الداي والطالب أحمد الصميغي ».
محمد مسعود الشابي وأحمد نجيب الشابي تولى كل منهما تكوين خلية صغرى تضم خاصة عددا من الطلبة ومن المتعاطفين مع البعث.
أوساط الموظفين، وجلهم من عائلة الشابي، مثل بلقاسم بن عمار الشابي ومحمد الصغير الشابي ممن لم يكونوا راضين عن أوضاعهم, كما اتجهوا خاصة الى أوساط الزيتونيين واليوسفيين مثل ابني الأستاذ عبد العزيز الشابي، أحمج نجيب الشابي وشقيقه محمد رشاد الطالب في الآداب العربية وأحمد سعيد وابن الازهر الشابي.
ولئن كانت للبعثيين قناعات مشتركة، فقد كانوا مرتبطين بعدة عواصم عربية، من ذلك أن بعضهم لم تكن لهم علاقة بسفارة لبنان في تونس نظرا الى أن خليتهم تنشط سرا في بيروت، إلا أن المجموعة المرتبطة بالقيادة القطرية بدمشق كانت له اتصالات مستمرة بالبعثة الديبلوماسية السورية، وهذه المجموعة المعترفة بزعامة القيادة القطرية في دمشق لم تضمن في صفوفها لا طلبة ولا أساتذة، وإنما بعض الموظفين من المشرفين على الخلية ومنهم علي شلفوح الموظف آنذاك بالدار التونسية للنشر والطاهر عبد الله الموظف بديوان احياء أراضي وادي مجردة وعبد الرزاق الكيلاني الموظف بدار الكتب الوطنية ».
وتضع وثائق الادانة الجميع في سلة واحدة، من بعثيين وشيوعيين و »برسبكتيفيين » من انصار ماوتسي تونغ (فكلهم يتغذون بالشعارات ومحتواها انكار لمعنى الأمة، ففي رأيهم، لكي ينهض الشعب ويتقدم يجب أن يذوب في مجموع غامض المحتوى، غير مرسوم الحدود، وذلك باسم التضامن العالمي بين الطبقات الكادحة أو بإسم الثورية أو باسم الوحدة العربية ».